الخميس، 10 يناير 2013

باسم الله تعالى الرحمان الرحيم:


إعلم وفقك الله لليقين الأسنى بأن مقام الإحسان لا يكتمل حتى يكون لك من كل إسم من أسماء الله الحسنى خلق تتخلق به ظاهرا أو باطنا، إذ العمل بسورة الفاتحة - كباب لكل أعمال الإسلام - يفتح لك كل هاته الآفاق لإحتوائها على أساس كل هاته الأسماء الإلهية وهي أسماء :" الله الرب والرحمان".
 وقد أمرنا الله تعالى بقوله سبحانه: ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)، والدعاء كالذكر يدعو لفهم المعاني أولا وتذوقها ثانيا ثم العمل لها وبها ثالثا ، ومن هنا إستنبط الأولياء قدس الله أسرارهم بأن لكل إسم من أسماء الله الحسنى تخلق عدا إسم الله تعالى ، فهو للتعلق لا للتخلق، بل ولا يقر أبدا حكيم بأن تجلي هاته الأسماء في الإنسان تضاهي مثيلاتها في الألوهية تعالى الله عن كل هذا علوا كبيرا .. فما هناك إلا نسبية في تنزيه دائم ودون أي تشبيه : إذ لا مثال لصفات الله تعالى ولا مثل له في أي مخلوق ، ولو كان المخلوق مقربا قرب جبريل أو محمد عليهما كل الصلاة وكل السلام ، فلا صفة للصانع في المصنوع إلا بنسبية ، بل وما حظنا من معرفة الله تعالى إلا كحظ  الآلة بصانعها، وكحظ الخشب من النجار ، ولله المثل الأعلى سبحانه... فتنزيه في تنزيه ، ولا تشبيه إطلاقا بين الخالق والمخلوق....  ولهذا ولبعضه ولكله نشير بأن :
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
إسم الله تعالى يقتضي منا العبودة لا العبودية والعبادة فقط ، إذ العبادة مقام الإبتداء والعبودية في الوسط أما في الختام فمقام العبودة ، وتعني عبادتك وعبوديتك لله بحب وسر وأنت من الموقنين برؤاك وبشرياتك .. وهو إسم للتعلق لا للتحقق ، إذ لا تخلق للمخلوق من إسم الله تعالى دون العبدية المطلقة : فهو الله الإله المافوق كل مطلق، وأنت العبد المطلق النقائص ،والمفتقر الكامل الفقر أمامه والتام الإفتقار لا غير،بل ولا تكتمل لك هاته العبدية ولا بعض هذا التعلق بالله تعالى ما لم تتخلق نسبيا بكل أسمائه الحسنى سبحانه وهي :
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الرحمان : وهو إسم يلزمك الحذر من كيد رحمته تعالى بكل من ضل وكل من كفر.. فالرحمة تعدت حتى كانت رحمانية لأعدائه سبحانه ،فكانت رحمة الله تعالى للكافرين رحمانية استدراج لا رحيمية غفران كما للمومنين ، بل وستر سبحانه حتى ظن الكافر أنه قد غفر، وأن ليس منه  للكل إلا الحسنى
، ولهذا نفت كل المذاهب الضالة عنه تعالى صفات الجلال  ولم تعترف إلا ببعض صفات جماله..وبشرك دائم ،بينما  عمت رحيميته المومنين حتى كانت رحيمية من اسمه الرحيم والرحمان معا.. لا الرحمانية فقط التي وسعت كل شيء ، فقد رحم سبحانه بتجليات إسمه الرحمان حتى عذب من لم يقبل رحمته الخاصة ولو قبل رحمانيته العامة: فارحم ترحم .. بل والله  إستوى على العرش برحمانيته سبحانه ( الرحمان على العرش إستوى ) ولهذا وسعت رحمته كل العالمين ، فالرحمانية رحمة عامة ، بينما الرحيمية فخاصة ، ولو إستوى بها سبحانه وبتجلي إسمه الرحيم سبحانه لما خلق في العالمين ضال ولا كافر ولا أي شر، بل ولما كان هناك وجود لشيطان .. ولهذا وجب الحذر من رحمانيته لأن لها نصيب من كيده ومكره بأعدائه : فسبحان من رحم حتى عذب برحمانيته من لم يقبل رحيميته :
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الرحيم : ويتطلب منك اليقين في رحمة الله الظاهرة والباطنة ، والجلية والخفية ، وأن تتخلق بهذا الإسم الرحيم لتكون لك نسبة من رحمانيته ورحيميته معا ، فتكون رحيما بخلقه كلهم ، فلا تقسوا إلا لمبدإ أو لضرورة .. فالرحمة كلها وبكل ألوانها وكل معانيها من صفات المومنين الثابتة بل وأساس كل أخلاقهم الكريمة، ومن لا يرحم لا يرحم ، و(الراحمون يرحمهم الرحمان إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) كما قال الرسول صلوات الله عليه.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الملك : ويقتضي منك اليقين بأن لكل العوالم كما لكل العالمين ملك  واحد، ومالك  أحد، إله ورب حق، له الإطلاق في كل ملكه ،وله الملك المطلق في كل ملكوته سبحانه . عليك ما يلزم من واجبات ومن حقوق
ما دمت من رعاياه...: فحاول أن ترجوه لحياتك الأبدية الخالدة - كما ترجوه لهاته الفانية - بكل ما يليق  به وله من تبجيل وتقدير وتعظيم وعبادة ومحبة ..فهو ملكك العظيم الأعظم، ومالكك الواحد الأحد ، وربك وإلهك الملك المالك الحق سبحانه ، مالك الملك والملكوت والملوك بكل عزة وكل جبروت سبحانه، فحاول أن تكون من خاصة رعاياه ، ومن أوفى عبيده ،ومن أخلص عباده لعلك تذوق من تجليات إسمه الملك هذا فتتغير نظرتك لكل الكون مملكته، فتكون حقا له عبدا كما هو لك رب . فأكثر من ذكر : (سبحانك يا ملك ويا مالك) وأنت تتفكر فيك وفي كل مملكته وكل خلقه لعلك تذوق ما ذاق المقربون من تجليات إسمه الملك هذا في كل ملكه وفي كل ملكوته ..  بل وسابقهم بكثرة السجود وكثرة الذكر وعميق التفكر..... ، فإنهم يتسابقون لقرب الملك المالك الحق سبحانه  من حيث لا تشعر."والسابقون السابقون أولئك المقربون"... فاعرفه تكن من خاصته.
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
القدوس : ويقتضي منك التطهر الظاهري والباطني إن أردت أن تذوق من تجليات هذا الإسم ..وهو ما يصطلح عليه بالتزكية التي تقتضي التخلية من كل النقائص والتحلي بكل الكمالات .

السلام : كون الله سلما للمسلمين يقتضي إسلامك له كما يستدعي أن تكون سلما على كل الناس بالحق. وما دام السلام هو الذي لا يتركب من تناقضات ..فكذلك يجب أن يكون قولك وفعلك غير متناقضان .. حتى تكون كلك سلاما: فتنعم روحك وقلبك بروحانية النعيم الكامل ..

المومن : ويقتضي منك الإيمان به وبكل الغيب كما يقتضي منك أن يتعدى أمنك لك الناس حتى يأمنك كل مخلوق إلا بحق..وتأمل كيف أعطاك من أسمائه يا مومن فأنت مومن وهو سبحانه المومن.

المهيمن : ويقتضي منك الإعتراف بضعف سلطانك مهما بلغت في الدنيا والآخرة لأنه المسيطر على كل شيء ..

العزيز : ويقتضي منك الذلة له وللمومنين والعزة على الكافرين.. وإذا أردت العزة فأطع العزيز يعطيك من عزة الدنيا والآخرة.. فالعزة لا تكتسب بالإدعاء بل بحسن المعاملة ..وإن أقامك الله في مقام عزة فلا تتكبر.. وإن أقامك في مقام ذلة فذاك ظاهرا : أما المومن الحق فاعتزازه لا يكون إلا بإيمانه. ولا ذلة للمومن حقيقة بل ذلته لله عزته.." ولله العزة ولرسوله وللمومنين"

الجبار : ويقتضي هذا الإسم خوفك الدائم من بطشه "إن بطش ربك لشديد" حتى لا تأمن أبدا مكره.

المتكبر : ويقتضي منك التواضع له وللمومنين " لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر"
" العظمة ردائي والكبرياء إزاري من نازعني فيهما قدفته في النار ولا أبالي"


الخالق: ويقتضي منك التفكر في مخلوقاته وخلقك.. فلولاه ما كنت وهو اسم يستدعي الكثير من الشكر.. ويدعوك للتأمل في كتاب الله المنظور المتمثل في كل الأكوان.ويزيح عنك كل شرك فالإله الرب ليس سوى الخالق .

البارئ : ويستدعي الشعور بعظمة هذا الخالق الذي خلق الكل من عدم .ويقتضي كل ما يقتضي إسم الله الخالق.

المصور : ويستدعي عدم شركك معه في التصوير ، والتصوير الحرام هو تصوير الثماتيل وما فيه روح ..بينما التصوير الفوتوغرافي فهو نقل لحقائق.. والتصوير الحرام هو التصوير الخيالي الباطل.بينما يدعوك للتصور أي أخد العبرة و تمثل وتخيل الحقائق لحد اتصالك بعالم المثل بل وبالخيال المطلق الذي هو البرزخ الأعلى عند العارفين .

الغفار : ويقتضي منك عدم اليأس من مغفرته مهما بلغت ذنوبك .ويلزمك كثرة الإستغفار.

القهار : ولن تذوق معاني هذا الإسم إلا إذا أكرمك الله بالبلاء أو الفتن أو الآلام أو المصائب وصبرت .

الوهاب : وهو اسم يستدعي منك عدم اليأس من الطلب . ومبالغة الرجاء في العطاءبكل يقين في وهبه لك لكن كما شاء وكيفما وأنى شاء هو لا أنت.

الرزاق : وهو اسم يقتضي منك السعي للرزق والأخذ بالأسباب دون توكل عليها .

الفتاح : وهو الفاتح على عباده بكل الخيرات فاطلب الفتح عليك بتجلياته ووارداته بالذكر ودعائه بكل أسمائه: فهي أبواب تجلياته :" ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها" ، ولكل إسم فتحه الخاص.واستفتحه لعله يفتح عليك وتكون ممن قال فيهم : " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد"..لكن استفتاحك هذا تلزمه مقامات ومقامات لا فقط دعوات دون عزم وعمل.

العليم : ويقتضي منك التعلم فالإسلام دين العلم " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"بل والمبالغة في طلب العلم.. بل والتفرغ لذلك إن استطعت فالعلم روح الإيمان.

القابض: ويقتضي منك اليقين بأن الكل بيد الله وبالتالي الصبر على البلاء والضيق لأنهما منه. ويقتضي ذكرك الكثير بلا حول ولا قوة إلا بالله.فإن قبض عنك نفسك أو رزقك فلحكمة لا ريب.

الباسط : ويقتضي منك شكره وحمده على ما بسط عليك وعلى غيرك من النعم والمشاعروالمعاني التي لا تحصى. لكن حذاري من قلة العفة وقلة الحياء أثناء انبساط نفسك .

الخافض : ويستدعي منك رؤية مشيئة الله في كل شيء فمن ذل فبفعله ومن رفع فبفعله، وهو معنى من معاني لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ويستدعي منك خفض الجناح للمومنين
" واخفض جناحك لمن اتبعك من المومنين"فتذلل وتواضع لأهل الإيمان.

الرافع: ويستدعي منك طلب العزة بالله فهو المعز الرافع وحمده على المكانة التي أولاك بها بين الناس وأن جعلك بفضله من أمة المسلمين..فهي أكبر رفعة .

المعز : ويستدعي منك الإعتزاز به وحده مما يعني العزة بطاعته والشعور بالمذلة في معصيته، وأن تطلب العز كله به لا بسواه.فاعتزز إذن بالعزيز المعز تعز.فلا معز سواه.ولتكن شديدا على الكافرين رحيما مع المومنين : فتلك عزتك .

المذل: ويقتضي منك التذلل له بالطاعة فتلك عزتك لا الإعتزاز عليه بما لديك فتلك المذلة ، وكم من ذليل لا يحس بمذلة الله له وكم من عزيز في ثوب ذليل.والذلة لا تكون منك إلا للمومنين " أذلة على المومنين أعزة على الكافرين " فتواضع لأهل الإيمان واسم عن أهل الكفر والضلال.

السميع : ويقتضي منك حفظ لسانك فأنت تتكلم بحضرة رب عظيم سميع.. وحصر لسانك على كل أنواع العبادات القولية أمر هذا الإسم .كما يوجب عليك حفظ الأذن عن سماع المحرم المشين.من كذب وغيبة ونميمة ولغو وفحش وبداءة وغناء ساقط. .

البصير : ويقتضي شعورك بأن عين الله لا تنام وتراقبك في كل صغيرة وكبيرة مما يقتضي منك حفض كل الجوارح والجوانح. لحد وصولك إلى مقام المراقبة " فإن لم تراه فإنه يراك " وربما إلى مقام الكشف والشهود " أن تعبد الله كأنك تراه " وتلكما الإحسان. كما يستدعي حفظ البصر عن النظرة الحرام خصوصا للكاسيات العاريات سترهن الله عن أعين شبابنا ورجالنا وأطفالنا.

الحكم : ويقتضي منك الدود عن كتابه وشريعته ليكونا حكما بين المسلمين، واليقين بأنه وحده حكم حاكم يوم الحساب. وعدم تحكيم الجاهلين في أي من أمورك . ولن يكون ذلك إلا برضائك بما قضاه عليك من قدر .

العدل : ويقتضي منك الدود على العدل ليسود واليقين بأن الله ليس بظالم لأحد دنيا ولا آخرة .ف"كل شيء عنده بمقدار"

اللطيف : ويستدعي سعيك بين الناس باللطف والإحسان واللين وكل خلق حسن وبكل رفق. وألا تكون كثيف الفكر ولا القلب والروح والنفس وهذا لن يتم دون ذكر " فالفكروحده يوحش لكن الذكر يلطف"

الخبير : ويقتضي يقينك أن الله خبير بكل شيء فتغيب عنك كل ألوان المراوغات والكيد والخداع لعلمك أن الله لا تخفى عنه خافية .كما يوجب عليك تدبر خبرته فيك وفي كل شيء :
ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد كما قال الشاعر
كما يستدعي منك الخبرة في العلم وخصوصا علوم الدين فالخبرة في الشيء ليست تعلمه فقط: وتستدعي منك النباهة والعمق وبداهة الذاكرة.ولا تعجز على الأقل أن تكون خبيرا بعيوب نفسك فدون ذلك لن تفلح : وحداري من الحيل النفسية التي لن تشعر بها إلا بتربيتنا الروحية هاته التي نعطيك اليوم كل مقاماتها وأحوالها ولوازمها.


الحليم : ويستدعي منك السماحة والتسامح وكل أخلاق العفو والعفة والحلم كما يعاملك سبحانه بها. ومن عفى عفى الله عنه.

العظيم : ويقتضي منك التقدير والتبجيل لهاته العظمة بالإمثتال الصادق للأمر والإجتناب الخالص للنهي .وأن تتامل عظمته تعالى في عظمة اسمائه وصفاته ثم عظمة أدنى مخلوقاته الذي هو هذا الكون والخلق الدنيوي الذي نراه ..فلذاته عظمة ولصفاته وأسمائه ولأفعاله سبحانه..وهو وحده العظيم فحداري من تعظيم مخلوق مثل ما تعظم معبودك تعالى وعز وجل.

الغفور: ويستدعي منك كثرة الإستغفار، وفي كل الأحوال والأوقات وعلى كل الأقوال والأفعال، واستغفر لطاعتك كما تستغفر لمعصيتك ..وإن لم يغفر الغفور لك فلا استغفار لك .

الشكور: الشكر شكران: شكر متعلق بالنعم يوجب عليك شكر الله لما أسدى لك : وهو بداية الشكر ، وشكر لا يتعلق بنعمة بل تحمد محبة لذات المنعم سبحانه وهو شكر المحبة ..ولا يتم شكرا ك هذين حتى تعترف بأن لا شكرلك .فإن حمدت الله فتوفيقه لك لتحمده يستوجب حمدا آخر.

العلي : ويقتضي منك التخلق به بكل تواضع ..فتتعالى عن كل الدنايا لتعيش حياة المعالي وترتفع بذاك همتك : فعلو الهمة من الإيمان. فتكون سماويا لا دنيئا في أسسك وآفاقك وحسك ومعناك وفكرك ومطامحك ومعاملاتك كلها.

الكبير: فالله أكبر من كل ما تتصور..لذلك يستدعي هذا الإسم كثرة ذكرك" الله أكبر"..لكن حذاري أن تجسد كبره سبحانه ..وتقارن كبره بكبر أي موجود لأنه الواجد إذن موجد الوجود فهو بذلك فوق الوجود.. وله كبر معنوي نلمسه في كل أسمائه لكن كبره الداتي لا يعلمه إلا هو سبحانه.

الحفيظ : فهو الحافظ لكل الأكوان وما بها لهذا يستدعي منك هذا الإسم طلب الحفظ في كل ما تملك فاجعله وردا ترى فيه لطفا..

المقيت: أي هو الذي يقدر لكل أمر زمانه مما يستدعي منك عدم العجلة في أي من أمورك ،وأن تعرف أن الله لكل شيء مقدر..فهو رب كل الأقدار وما عليك إلا التسليم لأقداره سبحانه.وهو الذي يقدر لا أنت فلا تتأله عليه من حيث لا تشعر وتطلب أمورك كما تشاء أنت لا كما شاء هو فهو الرب وأنت العبد ..فكل واشرب والبس ما يرزقك مولاك واطلب منه حوائجك بأدب العبودية وكن على يقين أنه سيعطيك ما لا يخطر لك حتى طلبه ..فهو كريم والكريم يعطي حتى قبل أن يسأل " فلا تشكن في كرمه" وهو المقدر لهذا الكرم فهو المتصدق عليك يا فقير فارجه بكل مسكنة وتواضع وقد قدر لك وقت للعطاء فهو المقيت .

الحسيب : ويستدعي منك الوجل والحذر في كل أعمالك لأنك ستحاسب عليها من لدنه سبحانه .. والرسول صلوات الله عليه يقول :" ما نوقش أحد الحساب إلا عذب " فاستغثه ألا يحاسبك إلا حسابا يسيراولن يتأتى لك ذلك إلا بالصبر لطاعته وعن معاصيه :" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"

الجليل: فهو ذو الجلال الكامل سبحانه وتعالى ..فوجب عليك استقبال هذا الجلال العظيم بما يليق من التنزيه والتكبير والتسبيح وكل شروط العبادة..فاسم الجليل يستدعي منك كبير التنزيه.
وجلاله يوجب لك الهيبة الكاملة وإن كان جماله يوجب لك الرجاء الكامل ..فاعبده دوما بأسماء الجلال والجمال حتى تتوازن ..فإن طغى الجلال استوحشت وإن طغى الجمال خفت رزانتك ..فاعبده جليلا جميلا لعلك ترقى لتذوق كل صفات الجلال والجمال..وأسماء الجلال ثقيلة لا يستطيعها ولا الأنبياء فلا تطلب تذوقها واطلب معاني جمال الجلال لا الجلال تكتمل رجولتك : وليس ذلك إلا للكمل من المحسنين.

الكريم: والكريم هو الذي يعطي دون أن يطلب منه فما بالك لو طلبت منه : وهو باب من أبواب استجابات الدعوات فلا تغفلن عنه. فاعط لمن يستحق دون أن تنتظر سؤاله تكن كريما.

الرقيب: وهذا الإسم يرقى بك إن خلصت إلى مقامات الإحسان :" أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وهذا الحديث يحتوي مقاما أولا هو مقام المراقبة الذي تستشعر رؤية الله لك فيه ..ثم بعده مقام المشاهدة والكشف الذي تتمثل لك فيه رؤية الله " ولله المثل الأعلى " وهو مقام لا يذوقه إلا من اجتباه سبحانه للدرجات العلى .ويستدعي منك هذا الإسم أيضا مراقبتك لنفسك .

المجيب : ويستدعي منك كثرة الدعاء بهذا الإسم فهو كنز الإجابات فلا تغفلن عن الدعاء به يستجاب لك لاريب:"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان"كما يفتح لك كل آفاق الدعلء فأكثر فأنت تدعو مجيبا.

الواسع: وهو الذي وسع علمه وسلطانه كل شيء "لا يعزب عن ربك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء" والدعاء بهذا الإسم يفتح لذي الألباب كل آفاق الملكوت ..فادع به مثنيا به على الله طالبا السعة في كل رزقك :والرزق ليس هو المال فقط .

الحكيم: ويقتضي منك هذا الإسم الحزم في أمرك فمعبودك حكيم..ثم التعبد له بطلبك للحكمة والعمل بها والسعي لأهلها:" الحكمة ضالة المومن أينما وجدها فهو أحق بها"ولن تفهم هذا دون تحكيمه في كل أمورك .

الودود : ويقتضي منك التودد له سبحانه كما يتودد لك بأنواع النعم والفضائل والمنن ..كما يستدعي هذا الإسم مودتك لكل المومنين ..فمودتك لهم تودد لله عز وجل. فاطلب مودته عز وجل فهو القائل: " يا ابن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا"

المجيد : ويستدعي منك التمجيد والتعظيم والتبجيل بكثرة الذكر والعبادة ..وتمجيده يستدعي الكثرة من عبادته واللهج بكثرة ذكره ..والفرح بهذا الإسم خصوصا أيام العيدين والجمعات. فهو ملك مجيد .

الباعث : ويقتضي منك تذكر البعث وكل خصائصه ..والشعور الحق بقدرة هذا الباعث العظيمة الذي في مقدرته كل شيء :" إن الله على كل شيء قدير" مما يجعلك تتذكر القبر أولا وبرزخه ثم القيامة وأهوالها فالجنة وجهنم أعاذنا الله سبحانه وتعالى منها.ولن تفهم هذا إلا بقراءتك عن البعث .

الشهيد : وأعمال هذا الإسم تشابه كل مقتضيات إسم الرقيب والبصيروهي إسماء تدعوا لكل معاني الإحسان ..فحذاري إن الحق تعالى هو الشهيد عليك. .ولن تكتمل لك حقيقة هذا الإسم إلا إذا كنت شهيدا أو من الله عليك بمقام الشهود الذي ذكرنا من قبل0.

الحق : ويستدعي منك التشبت بالحق والدفاع عنه ومؤازرة أهله.. والبحث والسعي للحقيقة.. والفرار من كل البواطل وأهلها.

الوكيل : ويقتضي منك التوكل الكامل عليه سبحانه ..وليس المتوكل من ترك الأسباب فذاك متواكل أوعاجز بل المتوكل من اتخد بالأسياب ثم رجى بركات الوكيل سبحانه.فالله وكيل عليك يدافع عن المومنين فكن مومنا يكن لك وكيلا.

القوي : ويقتضي منك السعي لكل أسباب القوة ف:" المومن القوي خير وأحب إلى الله من المومن الضعيف وفي كل خير"" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة"

المتين : ويقتضي منك إحكام الأعمال وإتقانها وأن يكون عملك متينا وصلتك بالله وبالمومنين أيضا متينة.

الولي : ويقتضي أن تجعل الله لك وحده الولي.. وتوالي به كل المومنين لعله يوليك .

الحميد : ويقتضي منك كثرة حمده لحد الفناء في حمده فتلك من أعلى المقامات.فاحمده تكن محمدا.

المحصي : ويقتضي منك كل ما اقتضاه إسمه الحسيب من مراقبة لأعمالك لأنها محسوبة عليك

المبدئ : ويقتضي منك كل ما يتطلبه إسمه الخالق من شكر على إيجادك بعد أن لم تكن شيئا مذكورا ..وتعلم أن لا دخول لك في أمر إلا بإدخال الله لك فيه.

المعيد : ويستدعي منك الحمد الكثير لهذا الرب العظيم الذي سينقذك من الموت مرة ثانية ويعيد لك جسدك وروحك ومصيرك الذي هو اليوم بين يديك :إن عملت حسنا فحسن وإن عملت سوءا فسوءا..

المحيي : يقتضي منك هذا الإسم تذكر الموت وأهوالها ثم يوم البعث بكل خصائصه..و يقتضي منك حمد هذا الحي القيوم الذي سيحييك بعد مماتك ..ألا يستحق الحمد وهو يهب لك الحياة مرة ثانية ؟

المميت : كما يقتضي منك هذا الإسم الخوف من قدرته عليك يقتضي كذلك حمده على الموت نفسها فللموت حكم عديدة ..ولولاها لضاقت الأرض بالمخلوقات ولما حلت الحياة فسبحانه من مميت حكيم..

الحي : ويقتضي منك الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى حي لكن حياته ليست كحياتنا ولا ذاته كذواتنا سبحانه..

القيوم : ويقتضي إيمانك بقيام الله قياما كاملا بكل أمور الربوبية وما تستحقه الألوهية من عنايات وكمال في الجلال والجمال وما لانعلم ...

الواجد : ويقتضي يقينك بأنه هو الواجد لكل الوجود ولولاه لما كان وجود..فهو فوق الوجود سبحانه.

الماجد :ويقتضي منك التعظيم والتكبير والتسبيح والتنزيه لهذا القيوم الماجد سبحانه.

الواحد : ويقتضي منك اليقين بوحدانيته وكثرة الهيللة ودراسة علوم التوحيد لتعميق توحيدك..
وهذا من موجبات الإيمان بوحدانيته تعالى ..فكما أن كل مخلوق له ذاته الواحد فالله واحد فكيف نشرك بوحدة الذات والصفات وما من مخلوق نفسه إلا وهو واحد.

الصمد : إذ هو السيد الذي لا يرجى غيره فلا تخف ولا ترج سواه واسأله تجده مجيبا قريبا فهو الصمد.

القادر: إذ هو على كل شيء قدير ..ومقدرته عليك تستدعي منك الذلة والعبودية الكاملة له.

المقتدر: إذ قدرته تفوق كل قدرة مما يستدعي كثرة سؤاله والتوكل عليه

المقدم : يستدعي منك اليقين بأن كل ما مضى كان مقدرا ومحتوما

المؤخر : يستدعي منك اليقين في أن كل الآتي عنده سبحانه بقدر

الأول : إذ ليس قبله شيء مما يعمق ويؤكد ربوبيته وألوهيته

الآخر : إذ ليس بعده شيء مما يستحيل على المخلوق فالمخلوق تستحيل عليه الأولية والآخرية في وقت واحد وهذا من المستحيلات إلا له سبحانه مما يؤكد أن لا إله سواه

الظاهر:بأفعاله عز وجل وكلامه وأسمائه ..

الباطن : بذاته وصفاته سبحانه..

الوالي : إذ هو الوالي على كل شيء مما يجعل كل أمر وكل شيء بيده ومما يستدعي كثرة السؤال والرجاء والطلب..وبأن لا واسطة بينك وبينه فهو المتولي لكل امورك مباشرة فلا تطلب سواه تعالى.

المتعالي : فهو سبحانه علي عن وجودنا كله لكن لكرمه تفضل بربوبيته وألوهيته للعالمين مما يستدعي التعظيم والتبجيل والتسبيح والتنزيه

البر : " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " فخيراته وخيره على العالمين لا يعد مما يستدعي كثرة الشكر والسؤال ..فبره بنا لا يحد .فأكثر من اعمال البر كلها لعلك تذوق معنى من معاني هذاالإسم

التواب : فهو العفو الغفور التائب على من رجع له مما يستدعي الإسراع في التوبة وطلب المغفرة :
" فكل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون" فاطلب منه التوبة فلا توبة إلا لمن تاب هو عليه :
" وتاب عليهم ليتوبوا"

المنتقم : مما يقتضي الخوف " إن بطش ربك لشديد" فربما أصابك بفتنة أو بلاء أو كنت من حطام جهنم " لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون" فارج وخف ولا تأمن. واعلم أن الله سينتقم من كل ظالم جبار فهو يمهل ولا يهمل.

العفو: فهو سبحانه الغفور التواب على من أناب إليه فارجع إليه واطلب منه العفو ..والعافيةمن كل مصيبة في دينك أو دنياك تجده عفوا غفورا. مما يقتضي عليك العفو بدورك على من ظلمك .

الرؤوف : ويقتضي منك العطف والرحمة والرأفة بالمسلمين والأقارب بل وكل الناس ..

مالك الملك ذو الجلال والإكرام: فهو المالك لكل شيء.. والجليل المتكرم سبحانه: مما يقتضي منك الشعور بأن لا ملكية ولا ملك لأحد على الحقيقة ويستدعي تعظيمه وحده سبحانه .وقد اوصى الرسول بكثرة ذكره بقوله :" ألظوا بذي الجلال والإكرام"وهي دعوة للذكر بكل الأسماء وبهذا خاصة.

المقسط : إذ هو الحكم العدل مما يجعلك تطمئن لعمل الخير " فلن يثركم أعمالكم "

الجامع : فهو الذي يفرق ويجمع كما شاء سبحانه ..ويقتضي منك الأمل في كل ما افترق ..كما يستدعي تذكر يوم الجمع: يوم يجمع الله الأولين والآخرين مما يستدعي الزهد والحرص على العمل للآخرة .وتذوق هذا يستدعي تصور يوم الجمع .

الغني: فهو وحده الغني على الحقيقة وهو غني عن كل شيء بينما كل المخلوقات إلا وهي مفتقرة إليه سبحانه.. مما يستدعي الشعور بالفقر والإفتقار إليه ذاتيا والرغبة في ما يطمح له من نعم ثانيا ..

المغني : ويستدعي ألا تطلب الغنى إلا منه سبحانه وبالطرق الحلال.

المانع : ويستدعي أن ترى حكمة المسبب في السبب فإن منعت من شيء لسبب ما فاشعر بأنه المانع لحكمة ما لا السبب.. مما يفيض عنك الرضى بقضائه وقدره سبحانه.

الضار : فما أصابك من مصيبة فمنه سبحانه مما يستدعي منك الصبر احتسابا لأجره بل لوجهه الكريم سبحانه..لكن مصيبتك منه لا مباشرة ومن نفسك مباشرة:" ما أصابك من سيئة فمن نفسك "

النافع : فلا تطلب المنفعة إلا منه سبحانه ومن سبيل حلاله فكل نفع لا يأتي من هذا الطريق فهو مضرة لك من حيث لا تشعر.

النور: ويستدعي منك تنوير فكرك بالعلوم النافعة وتنوير قلبك بالأخلاق الباطنة الحسنة إلى أن يفيض أنواره على روحك فتصبح ذو بصيرة متنورة مطمئنة وذاك هو فلاح الدنيا والآخرة

الهادي : فاعلم أن لا موفق لك للهداية إلا هو سبحانه وتعالى مهما أرشدك المرشدون ومهما تعلمت.. لهذا جعل أوكد الأدعية له منك قولك "إهدنا الصراط المستقيم " فاستهده بصدق يهدك سبحانه..

البديع : فهو البديع بذاته والمبدع لكل المخلوقات فهو مالكها إذن.. فينبغي أن تشعر حقا بعظمة هذا الإبداع في كل شيء: فلا يستطيع مخلوق إبداع مثل ما أبدع سبحانه..ولا أن يشابهه:
" ليس كمثله شيء"

الباقي : فهو وحده الذي له البقاء الحق وكل ما دونه فان.. ومن بقائه يستمد كل مخلوق بقاءه في الآخرة :مما يستدعي منك الشعور بفنائك لحد إفنائك لشهوات نفسك ومطامعها وبقائك بروحانيتك :فذاك هو البقاء الذي يريد منك سبحانه في الدنيا والبرزخ قبل الآخرة.

الوارث : فمصير كل خلق إليه سبحانه مما يستدعي منك بدل الغالي والنفس والنفيس في سبيله لأن ميراث كل شيء سيؤول له وحده سبحانه ،ثم يورث عباده الصالحين ما يشاء ..فاسع للصلاح إن أردت أن تنال من ميراثه عز وجل .

الرشيد : فهو ذو الحكمة البالغة والهادي لها سبحانه: فاطلبه ان يلهمك رشدك حتى لا تكون من المتهورين الذين يضيعون أعمارهم سدى ويخسرون فرص الأعمال الصالحة المتاحة لهم في هذا الدنيا.. ولتتعلم ولتعمل العمل الصالح يرشدك بحوله وقوته سبحانه.وإن رشد القلب اهتدى.


الصبور : ويستدعي منك التخلق بالصبرفتصبر مهما ابتلاك... فعظم الجزاء مع عظم البلاء.. فاطلبه أن يلهمك الصبر فكل محسن إلا وهو مبتلى في هاته الدنيا فتصبر يصبرك سبحانه.كما يلزمك تعظيم وحمد هذا الرب العظيم الذي رغم قدرته المقتدرة يصبر بكل حكمة وعظمة ومجد وكبرياء.

وهكذا ترى يا أخي يا طالب النور والهدى: أن لكل إسم من أسمائه سبحانه أعمال ظاهرة أوباطنة من الواجب على من يسعى للإحسان التخلق بها لعل الله ينعم عليه بدعاء الهدى الذي يكرره دوما في هاته الفاتحة المباركة ..ولهذا يوصي العديد من العارفين بقولهم :" تخلقوا بأخلا ق الله " فهناك أسماء تستدعي منك التمثل بها كما أن هناك أسماء تقتضي منك ضدها..كما أن هناك أخرى عقائدية تعمق إيمانك وافتقارك التام له سبحانه.وبالتخلق بالأسماء الإلهية تكتمل فيك الألوهة حيث أن الإنسان وحده من المخلوقات التي تكتمل حقا فيها العبودية" لأنه يجمع بين كل صفات الكون ظاهرا كما يمكنه التخلق بالعديد من صفات الحق المجازة له باطنا " ولهذا كان الرسول والنبي ثم الولي الذي تكتمل فيه الألوهة حقا برزخا بين الذات الإلهية وعالم الخلق وكانوا حقا من حقائق الله تعالى التي لا يعلم كنهها إلا هو سبحانه. فصلاة الله وسلامه على سادتنا الأنبياء ورضى الله على كل الأولياء.
وهناك من يصغر من قيمة الولي شريعة مستشهدا بقوله تعالى :" ألا إن اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين ىمنوا وكانوا يتقون " فاعلم ان الإيمان والتقوى من فرائض الإيمان ..لكن المحبة والنورانية والعناية الربانية واستجابة الدعاء والإستعاذة من آفاق الولاية الحقة الكاملة فتأمل أخي: صفات الولي الذي جاءت عن رسول الله بحديث قدسي:" من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه :فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإذا دعاني أجبته وغن استعاذني لعيذنه"

فالولي تحرم عداوته وهو محبوب من الله مسير به كل سكناته وحركاته بالله ودعواته كلها مستجابة كما شاء الله تعالى ..فذاك هو الولي والتقوى والإيمان فرضا الولاية لا صفاتها.

والولي من اكتملت له من الله نورانية السمع والبصر والحركة والسكون .فتنور ثم نور: